الزواحف البشرية
تعد نظرية الزواحف البشرية من نظريات المؤامرة المثيرة للجدل التي اجتاحت عالم الفكر البديل في العقود الأخيرة. تشير هذه النظرية إلى وجود كائنات تمتلك صفات تجمع بين البشر والزواحف، يُقال إنها تتخفى بيننا وتمتلك نفوذًا في مراكز القوة والسيطرة العالمية.
تستند الفكرة إلى معتقدات قديمة وأساطير تُشير إلى وجود كائنات زاحفة تعيش في الخفاء وتتحكم في مجريات الأمور. أنصار النظرية يعتقدون بوجود دلائل تدعم هذه الفرضية، مما يجعلها موضوعًا جذابًا للنقاش في الأوساط العلمية والاجتماعية رغم غياب الأدلة الملموسة.
في هذا المقال، سنستعرض جذور نظرية الزواحف البشرية، أسسها الفكرية، وأبرز ما يدور حولها من تساؤلات وانتقادات. الهدف هو تسليط الضوء على هذا المفهوم المثير وتقديم نظرة شاملة على أبعاده المختلفة.
نظريات المؤامرة
حسب تعريف الباحثين، فإن نظريات المؤامرة هي وسيلة دفاعية نفسية يستخدمها بعض الناس لكي يشعروا بالسيطرة. فمن وجهة نظر المؤمنين بنظريات المؤامرة، كل ما يحصل حولنا له سبب غير مُعلَن، ويكون السبب المعلن هو السبب الذي اختارته القيادات لكي يُضللوا الناس ويُسيطروا عليهم.
ونتيجةً لهذه الفلسفة، وخصوصًا في عصر التكنولوجيا وسهولة تداول الأفكار والمعلومات، بدأت مجموعة من نظريات المؤامرة القديمة بالعودة مرة أخرى لتصبح متداولة بين الناس. بل إن بعض نظريات المؤامرة، التي كانت في يوم من الأيام محلًا للسخرية، أصبح لها أتباع ومعتنقون تُقدَّر أعدادهم بعشرات الملايين.
هناك الكثير من نظريات المؤامرة التي يمكن وصفها بالمعقولة، وكان لها أتباع منذ أول ولادتها. على سبيل المثال:
- نظريات الأطباق الطائرة وهبوط الفضائيين على الأرض.
- نظرية الأرض المسطحة.
- نظرية الحكومة العالمية السرية.
- نظرية الهبوط المزيف على القمر.
وهناك الكثير والكثير من هذه النظريات. والغريب أن الإيمان بهذه النظريات غير مرتبط بالمستوى التعليمي أو الثقافي، أو حتى بالغنى والفقر. والدليل على ذلك أن دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية فيها 66 مليون إنسان يؤمنون أن الكائنات الفضائية زارت الأرض في يوم من الأيام، وذلك بحسب إحصاء تم إجراؤه في عام 2016. كما أن 22 مليون مواطن أمريكي يعتقدون أن الهبوط على القمر كان مجرد خدعة تم تزييفها من قِبَل الحكومات الأمريكية.
ولكن على كل حال، يمكننا أن نتقبَّل لماذا هناك الكثير من الناس يؤمنون بنظريات مثل هذه، وذلك لأن معظم النظريات من هذه النوعية يمكن أن ينطبق عليها وصف "النظريات المعقولة"، باعتبار أن هذه المواضيع أثارت جدلًا لفترات طويلة. لكن المشكلة هنا تكمن في النظريات التي تنافي أبسط حدود المنطق، مثل النظرية التي سنتحدث عنها اليوم، وهي نظرية "الزواحف البشرية".
متى ظهرت هذه النظرية
لا يُعلم بالتحديد متى وأين ظهرت نظرية الزواحف البشرية. كل ما نعلمه هو أنه كان هناك أعداد كبيرة من الناس في الماضي يؤمنون بأن الزواحف لها القدرة على التأثير في حياة البشر. فمنذ آلاف السنين، كانت هناك رسوم ونقوش على جدران الكهوف، وكانت الثعابين والتماسيح والزواحف بصفة عامة من أشهر الأشكال التي تظهر على تلك الجدران.
وحتى مع بداية عصر الزراعة والاستقرار وبناء الحضارات، انتشرت رسومات كثيرة للزواحف على جدران المعابد والكثير من الآثار. كما أنها كانت ممثلة في العديد من الحضارات القديمة على شكل آلهة. وبحسب ادعاءات المؤمنين بهذه النظرية، فإن هذه النوعية من الزواحف موجودة في العديد من الحضارات التي يفصل بينها قارات ومحيطات، مثل بعض الآلهة المصرية التي كانت على هيئة ثعابين أو تماسيح بشرية، أو التنانين في الحضارة الصينية، وغيرها.
كل هذه الاستدلالات حول فكرة الزواحف البشرية يتبناها العديد من المنظرين، ومن أشهرهم على الإطلاق الكاتب البريطاني ديفيد آيك (David Icke)، الذي أصدر كتاب السر الأكبر وكتب فيه بالتفصيل عن أنواع الزواحف البشرية المنتشرة على الأرض.
بماذا يؤمن أصحاب نظرية الزواحف في البشرية
تُعتبر هذه النظرية مزيجًا من الخيال والأساطير التي جذبت اهتمام الكثيرين، ومن ضمن الأشياء التي يؤمن بها أصحاب هذه النظرية:
- وجود كائنات زاحفة متخفية: يعتقدون أن هناك كائنات زاحفة شديدة الذكاء تتنكر في هيئة بشر وتعيش بيننا.
- السيطرة على مراكز القوة: يزعمون أن هذه الكائنات تسيطر على الحكومات، المؤسسات الاقتصادية، والإعلام بهدف التحكم في العالم.
- الهندسة الوراثية والتلاعب بالبشر: يؤمنون بأن هذه الكائنات قد تلاعبت بالجينات البشرية عبر التاريخ لتشكيل مسار تطورنا.
- أصل أسطوري لهذه الكائنات: يربط البعض هذه الكائنات بقصص قديمة عن آلهة أو مخلوقات زاحفة تم ذكرها في الحضارات القديمة.
رغم انتشار هذه النظرية في بعض الأوساط، إلا أنها تفتقر إلى الأدلة العلمية، ويظل الإيمان بها مدفوعًا بالخيال والرغبة في تفسير الغموض بطرق غير تقليدية.
عدد المؤمنين بنظرية الزواحف البشرية
حسب نفس الإحصاء الذي ذكرناه، والذي تم إجراؤه عام 2016، هناك 12 مليون مواطن أمريكي يؤمنون بهذه النظرية. ولكن الأمر لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط، وهذا ما ظهر من خلال العديد من الاستطلاعات التي أجرتها قنوات ومواقع وصحف حول العالم.
يُقدَّر عدد المؤمنين بهذه النظرية بالملايين حول العالم، خاصةً في الدول الغربية. والأمر أصبح كبيرًا لدرجة أن بعض الصحفيين يسألون المشاهير حول هذا الموضوع، فيقولون لهم: "هل أنت من الزواحف أم لا؟". وأصحاب هذه النظرية يزعمون أن هناك الكثير من المشاهير الذين ينتمون إلى الزواحف البشرية، مثل الملكة إليزابيث، وجورج بوش، والعديد من العائلات الأوروبية الكبيرة.
في النهاية، تظل نظرية الزواحف البشرية موضوعًا مثيرًا يجمع بين الخيال والجدل. وبينما يراها البعض تفسيرًا غامضًا للسيطرة العالمية، تفتقر إلى أي دليل علمي يدعمها، مما يجعلها مجرد فكرة ضمن عالم نظريات المؤامرة.