حرب البسوس
حرب البسوس، واحدة من أشهر الحروب في التاريخ العربي القديم، تعد رمزاً للصراعات القبلية التي عصفت بالجزيرة العربية قبل الإسلام. بدأت هذه الحرب عندما قتلت ناقة البسوس بنت منقذ على يد جساس بن مرة من قبيلة بكر، مما أثار غضب قبيلة تغلب التي كانت تحمي البسوس.
هذا الحدث البسيط أشعل فتيل حرب دامية استمرت لأربعين عاماً، وعكست بوضوح طبيعة الحياة القبلية في شبه الجزيرة العربية حيث كانت الشرف والكرامة من القيم الأساسية التي تُدافع عنها القبائل بشراسة.
في قلب حرب البسوس، لعبت الشخصيات البطولية أدواراً حاسمة في تطور الأحداث. كان المهلهل بن ربيعة، زعيم تغلب وأخو كليب، واحداً من أبرز هذه الشخصيات، حيث قاد قبيلته في سلسلة من المعارك الانتقامية ضد قبيلة بكر.
وعلى الجانب الآخر، تميزت قبيلة بكر بقيادة الحارث بن عباد، الذي رغم عدم مشاركته في بداية النزاع، دخل الحرب لاحقاً بدافع الدفاع عن قبيلته. هذه المعارك الدامية لم تكن مجرد نزاعات على الأراضي أو الموارد، بل كانت تعبيراً عن الصراعات العميقة حول السلطة والنفوذ والكرامة القبلية.
استمرت حرب البسوس لعدة عقود، وأثرت بشكل كبير على العلاقات القبلية والسياسية في الجزيرة العربية. من خلال هذه الحرب، يمكننا أن نفهم كيف كانت النزاعات تُشكل التحالفات والعداوات بين القبائل، وكيف كان للشرف والثأر دور كبير في توجيه الأحداث التاريخية.
كما أن هذه الحرب أسهمت في تشكيل الوعي الجمعي للعرب حول أهمية الوحدة والتكاتف، وهي الدروس التي أصبحت جزءاً من الإرث الثقافي والتاريخي للأمة العربية. في النهاية، تعد حرب البسوس درساً تاريخياً في كيفية تأثير الحوادث الصغيرة على مصير الأمم والشعوب، مما يجعلها موضوعاً مهماً للدراسة والفهم.
ما معنى البسوس
البسوس اسم امرأة تدعى "البسوس بنت منقذ" وهي خالة جساس ابن مرة وضرب العرب بها مثلاً في الشؤم حيث قالوا "أشأم من البسوس" ذلك لأنها كانت سبباً في حرب طويلة دارت بين قبيلتي بكر، وتغلب.
سبب حرب البسوس
أحداث حرب البسوس
بدأت سلسلة من المعارك الدامية بين قبيلتي بكر وتغلب، حيث قاد المهلهل بن ربيعة قبيلة تغلب في العديد من المعارك الانتقامية ضد قبيلة بكر. من أبرز هذه المعارك معركة "يوم الذنائب" ومعركة "يوم واردات". كانت كل معركة تشهد خسائر كبيرة من الجانبين، مما زاد من حدة النزاع وعزز الرغبة في الانتقام والثأر.
خلال فترة الحرب، رفض الحارث بن عباد، أحد زعماء قبيلة بكر، المشاركة في البداية بسبب موقفه الرافض للعنف بين القبائل. ولكن بعد مقتل ابنه، قرر الانضمام إلى الحرب، وقاد قوات قبيلته في معارك حاسمة، مثل معركة "يوم تحلاق اللحي" التي تعتبر من أهم المعارك في الحرب.
استمرت حرب البسوس لمدة أربعين عاماً، تخللتها فترات من الهدوء النسبي والتصعيد المفاجئ. في النهاية، توصلت القبيلتان إلى هدنة بعد أن أدركتا أن استمرار القتال لن يؤدي إلا إلى المزيد من الخسائر والدمار. كانت لهذه الحرب آثار بعيدة المدى على العلاقات القبلية في الجزيرة العربية، حيث أدت إلى تغييرات في موازين القوى والتحالفات بين القبائل.
كما أسهمت حرب البسوس في ترسيخ مفهوم الثأر والشرف في الثقافة العربية، وهو ما انعكس في العديد من الأشعار والحكايات التي روت تفاصيل هذه الحرب عبر الأجيال. أصبحت حرب البسوس مثالاً تاريخياً يدرس لفهم طبيعة الصراعات القبلية وأهميتها في تشكيل التاريخ العربي قبل الإسلام.
كيف قُتِل كليب؟
تمادى كليب في تكبره حتى منع جساس وقبيلته من الماء، فعزم جساس على قتله، فدخل عليه ثم قال عمدت إليّ ناقة خالته فعَـقرتها ثم منعتنا الماء فرد عليه كليب بكبر؛ فطعنه جساس برمح ثم أجهز عليه وقتله وانتشر خبر مَقْـتَـل كليب في قبيلته فارتفع الصراخ وأخذ "المهلهل من ربيعة" يندب أخاه.
تغلب تفاوض بكراً
من الذي انتصر في حرب البسوس
استمرت الحرب بين الفريقين لفترة، ودارت الأيام بينهما، وكانت الغلبة لتغلب على بكر؛ وذلك لأن كثيراً من بطون بكر لم تقف مع "بني شيبان" بينما أغلب بطون تغلب مع المهلهل، حتى أسرف في القَـتْـل في بكر وظلوا يطلبون جساساً حتى قتلوه، فلما قتلوه أرسل مرة إلى المهلهل " أن قد ظَفرت بقَاتل أخيك فاكفف الحرب " لكن المهلهل رفض ذلك وظل في عدوانه عليهم.
لا ناقة لي ولا جمل
كان الحارث بن عباد من بكر ابن وائل لكنه اعتزل قومه في تلك الحرب وقال : أمر لا ناقة لي فيه ولا جمل.
فلما قُتل جساس اجتمع بنو بكر إليه وقالوا : لقد فني قومك فأرسل ابنه إلى المهلهل سعياً في الصلح فقتله المهلهل وقال:" بؤ بشسع نعل كليب" أي أنه لا يساوي إلا سير نعل كليب.
الحارث بن عباد في مواجهه المهلهل
كيف مات المهلهل؟
وقع المهلهل أسيرا بين يدي الحارث دون أن يعرف فقال له الحارث: دلني على المهلهل وأخلي سبيلك فأخذ المهلهل عليه العهود إن دله أن يخلي سبيله فلما استوثق منه المهلهل قال: أنا المهلهل بن ربيع فجرّ ناصيته وتركه وخرج إلى أرض اليمن فبقي فيها حينا ثم عاد إلى قومه، وفي طريقه وقف على قبر اخيه فخَـنـقته العبرة وأغشي عليه ثم مات بعد قليل.
نهاية الحرب والخسائر
بعد تلك الوقائع تفرقت تغلب وارتحلوا حتى نزلوا فيما يعرف باسم "ديار ربيع" في العراق وهكذا انتهت حرب البسوس التي استمرت لأربعين عاماً والتي مـات بسببها 710 فارس.
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.