المجرات
المجرة : هي مجموعة هائلة من النجوم والغازات والغبار، والتي تنجذب إلى بعضها بفعل الجاذبية. قد تكون المجرات صغيرة، أي تحتوي على بضع ملايين من النجوم فحسب، وقد تكون منظومات عملاقة تحتوي على تريليونات من النجوم، ويحتوي الكون على ما يزيد على 100 مليار عائلة من النجوم العملاقة.
في وسط المجرة، توجد كتلة كثيفة من النجوم، وتحتوي المجرة في وسطها على الأرجح على ثقب أسود هائل الحجم. تدور المجرة بالكامل حول ذلك المركز، بما في ذلك مجموعتنا الشمسية، والقابعة على الثلث الأخير من أحد الأذرع الحلزونية.
حتى أوائل القرن العشرين، كان الناس يعتقدون أن مجرتنا هي المجرة الوحيدة، ولكن في العشرينيات من القرن العشرين، اكتشف عالم الفلك إدوين هابل أن تلك السحب اللامعة التي يراها العلماء في التلسكوب ما هي إلا مجرات أخرى. ليس ذلك فحسب، بل اكتشف هابل أيضا أن تلك المجرات الأخرى تتحرك بعيدًا عنّا بسرعات كبيرة. إن الكون أكبر مما كُنا نعتقد ... وهو لا يزال يتمدد ويتّسع.
المجرات العنيفة
بعض المجرات كمجراتنا، تعتبر أماكن هادئة، تدور بسكينة في الفضاء، ولكن بعض المجرات الأخرى جامحة ومجنونة، ويوجد في البعض منها مناطق تابعة لها تعرف باسم "النجم الزائف" أو "شبيه النجم".
تطلق النجوم الزائفة دفقات من الطاقة الإشعاعيّة المركزة والتي تنطلق بسرعة تقترب من سرعة الضوء. ويعتقد علماء الفلك أن تلك الطاقة تصدر من مواد تسقط في ثقب أسود هائل موجود في مركز النجم الزائف.
معظم النجوم الزائفة تتواجد في مجرات بعيدة عنّا للغاية، وهو ما يعني أنها تكونت في السنوات الأولى من بداية الكون.
أشكال وأنواع المجرات
معظم المجرات، مثل مجرة درب التبانة تتخذ الشكل الحلزوني، مع أذرع طويلة تلتف حول المركز، وعادة ما تحتوي هذه الأذرع على نجوم لا تزال في طور التكوين. ولكن للمجرات أشكال أخرى. فهناك المجرات البيضاوية التي تتخذ الشكل البيضاوي، وتحتوي على نجوم متقدمة في العمر. وهناك المجرات غير المنتظمة، وهي كما يوحي اسمها مجرات غريبة الشكل، وتحتوي على نجوم متفاوتة الأعمار والكثير من الغازات والغبار.
هناك العديد من أنواع المجرات في الكون، وهي تتنوع بشكل كبير في الحجم والشكل والمكونات. إليك بعض أنواع المجرات الرئيسية:
- المجرات الحلزونية (الدوامة*: تتميز بترتيبها الحلزوني المميز، وتتكون من أقراص مدمجة مع ذراعين ملتويين حول نواة مركزية. مثال على ذلك مجرتنا درب التبانة.
- المجرات الإهليلجية (الإهليلجية): تشبه شكلها القرص بشكل إهليلجي، وتتميز بتواجدها في المناطق الكثيفة من الكون. المجرة الإهليلجية M87 هي مثال على ذلك.
- المجرات الإهليلجية القزمة: تتميز بحجمها الصغير مقارنة بالمجرات الإهليلجية العادية، وتتكون غالبًا من نجوم قديمة وتفتقر إلى تكوين نجمي نشط.
- المجرات الكروية: تكون عادةً على شكل كرة مدمجة، وتتكون غالبًا من نجوم قديمة وتفتقر إلى تكوين نجمي نشط. تعتبر المجرة الكروية M4 في كوكبة العقرب مثالًا على هذا النوع.
- المجرات الغير منتظمة: تفتقر إلى هيكل محدد وتظهر بأشكال غير منتظمة. قد تكون نتيجة لتأثير التداخل بين مجرتين أو أكثر.
- المجرات النجمية: تتكون أساسًا من الغاز والغبار والنجوم، مع عدم وجود تجمعات كبيرة من النجوم العملاقة الساطعة.
- المجرات النشطة: تتميز بوجود نشاط قوي في مركزها، مثل إطلاق طاقة هائلة أو وجود ثقب أسود نشط في النواة.
هذه بعض أنواع المجرات الرئيسية، وهناك العديد من التفاصيل الأخرى والتصنيفات الفرعية للمجرات بناءً على خصائصها المختلفة.
المجرات المتصادمة
تصطدم المجرات ببعضها طوال الوقت. والواقع أن مجرتنا تعمل حاليًّا على ابتلاع مجرة قزمة يطلق عليها اسم "مجرة القوس". ذلك أن جاذبية مجرتنا تمزق مجرة القوس وتسحب منها أذيالا طويلة من النجوم . وعندما تصطدم المجرات، فإن ذلك يحفز بعض الأحيان ميلاد نجوم جديدة حيث تندمج سحبها الغازية معًا.
وفي بعض الأوقات قد تضرب مجرة مجرة أخرى نحو الفضاء الواسع كمضرب يقذف الكرة.
المجموعات والعناقيد والعناقيد الهائلة
إن المجرات لا تسبح على نحو عشوائي، ولكنها تميل إلى الاقتراب معًا لتشكِّل مجموعات.
وتعتبر مجرتنا جزءًا من مجموعة من المجرات يطلق عليها اسم "المجموعة المحلية".
وهذه المجموعات المجرية قد تشكل معاً مجموعات أكبر يطلق عليها اسم العناقيد، وقد تتجمع العناقيد مع بعضها البعض مكونةً العناقيد الهائلة، وهي واحدة من أكبر التكوينات في الكون.
يطلق العلماء على هذا العنقود المجري اسم "آر إكس جي 1532"، وتحمل هذه المجرة البيضاوية على طرفها ثقبًا أسودًا هائل الحجم.
المادة المظلمة
عندما يقيس علماء الفلك الجاذبية في المجرات ، يجدون أن هناك كتلة أكبر من كتلة النجوم، والكواكب والغازات. ذلك أن المجرات تحمل نوعًا من المادة غير المرئية التي تزيد كثيرًا على كتلة المادة المرئية . يطلق علماء الفلك على ذلك اسم "المادة المظلمة"، ولكنهم لا يعرفون ممّ تتكون. فهي لا تتكون من الغبار أو النجوم السوداء أو الثقوب السوداء.
لعلها جسيمات دقيقه دون ذرية لا يسعنا رؤيتها حتى الآن، وقد قدم أحد علماء ناسا افتراضًا بأنها تبدو مثل الشعيرات.
في الختام: يمثل تنوع المجرات في الكون شهادة على روعة وتعقيد الكون الذي نعيش فيه. من المجرات الحلزونية المذهلة إلى الإهليلجية المتناثرة، ومن الكروية المتراصة إلى غير المنتظمة الفوضوية، كل نوع من المجرات يعكس جانبًا فريدًا من العملية الكونية المستمرة. إن دراسة هذه المجرات لا تساعدنا فقط في فهم بنيتها وتطورها، بل تفتح أمامنا نوافذ لفهم أعمق لأصول الكون ومستقبله. ومع استمرار التطورات التكنولوجية والاكتشافات الفلكية، يبقى عالم المجرات مجالًا غنيًا ومثيرًا للاستكشاف والاكتشاف العلمي.