مملكة نوميديا
مملكة نوميديا هي مملكة أمازيغية قديمة نشأت في الجزائر حوالي سنة 202 قبل الميلاد لتشمل الجزائر وجزء من ليبيا وتونس والمغرب.
قبل تأسيس مملكة نوميديا كانت توجد مملكتين أمازيغيتين في أرض الجزائر هي مملكة "الماسيل" في الشرق، ومملكة "المازيسيل" في الغرب.
خلال تلك الفترة كانت الحرب البونيقية مشتعلة بين قرطاج وروما وكانت مملكة الماسيل حليف للرومان في حين أن مملكة المازيسيل كانت حليف لقرطاج وبسبب ذلك شجعت قرطاج ملك المازيسيل صيفاكس بالتوسع ضد مملكة الماسيل بسبب مساندتهم للرومان وكان نتيجة ذلك حتى اشتعلت حرب طاحنة بين المملكتين الأمازيغيتين.
تأسيس نوميديا
تمكن ملك الماسيل "ماسينيسا" من هزيمة ملك المازيسيل "صيفاكس" في معركة سيرتا سنة 203 قبل الميلاد وقام بتوحيد المملكتين الأمازيغيتين في مملكة واحدة وهي "مملكة نوميديا" وبفضل ماسينيسا نجح الرومان من هزيمة قرطاج مما أتاح له الفرصة لتوسيع مملكتة على حساب الأراضي القرطاجية.
ويعتبر الملك ماسينيسا أعظم ملوك نوميديا ففي عهده أصبحت نوميديا القوة الإقليمية حضاريا وعسكريا في شمال افريقيا وهكذا نجح الرومان في هزيمة قرطاج بمساعدة من الملك ماسينيسا.
في عام 148قبل الميلاد توفي الملك ماسينيسا وتدخل القائد الروماني سكيبيو الإفريقي وقسم مملكة نوميديا بين أبناء ماسينيسا الثلاث.
- مستتبعل
- جولوسا
- مسيبسا
الملك يوغرطة والحروب مع روما
وظلت مملكة نوميديا مقسمة وخاضعة لروما حتى مجيئ الملك يوغرطة للحكم سنة 113 قبل الميلاد.
كان يوغرطة بن الملك مستنبعل وقام عمه الملك ماسيبسا بتبنيه وعهد له وراثة العرش مع إبنيه الآخرين "عزربعل" و "هيمبسال الأول" ولكن يوغرطة لم يعجبه ذلك وأراد أن ينفرد بالسلطة حيث دبر مؤامرة للتخلص منهم.
تمكن يوغرطة من قتل هيمبسال الأول سنة 117 قبل الميلاد وأرسل عزربعل بعثة إلى روما لإبلاغهم عن مقتل أخيه هيمبسال واستعد لمواجهة يوغرطة ولكنة انهزم أمام يوغرطة في أول مواجهة له وفر إلى روما.
تدخلت روما بسرعة وقسمت السلطة في نوميديا بين يوغرطة وعزربعل ولم يمضي الوقت طويلا حتى هاجم يوغرطة أراضي عزربعل وحاصر مدينة سيرتا عاصمة الأجداد النوميديين.
عند حصار مدينة سيرتا وجد يوغرطة الكثير من الرومان والتجار الرومانيين في المدينة ولذلك انتقم منهم حيث قتل وشرد الكثير من الناس في المدينة وأمر بـِتعْـذيـب ابن عمه عزربعل حيث عـذّبـه حتى مات، وهكذا استطاع يوغرطة توحيد نوميديا من جديد.
في سنة 111 قبل الميلاد أعلن مجلس الشيوخ الروماني الحرب رسميا على يوغرطة وثار الرأي العام ضد يوغرطة وأرسلت روما حملة عسكرية بقيادة "بستيا" للقضاء على يوغرطة ولكنة فشل في ذلك وأجبر يوغرطة روما بالإعتراف به كملك على نوميديا مقابل دفع الفدية وغرامات مالية ونجح في النهاية.
اتهم الرومان القائد الروماني بستيا بالرشوة ولذلك أرسلت روما حملة عسكرية أخرى بقيادة "ميميوس" لإلغاء الإتفاق الأول وتمكن في هزيمته في النهاية وتم تثبيت يوغرطة ملك على نوميديا كلها مقابل ذهابه لروما ليمثل أمام مجلس الشيوخ الروماني.
قام يوغرطة برشوة السياسيين الرومان الذي قام في روما وقال جملته الشهيرة وهو يخاطب مدينة روما مستهزءا: "يا لك من مدينة للبيع وسوف تنتهين بمجرد وجود مشتري" التي أدت الى غضب الشعب الرومان وأرسلت روما حملة عسكرية أخرى بقيادة "متللوس" ولكنة فشل أيضا سنة 109 قبل الميلاد فتم عزلة ليتولى ماريوس القيادة بدلا منة.
كان السر وراء انتصار الملك يوغرطة هو استعماله لحرب العصابات التي مكنتة من الإنتصار في معظم المعارك كما كان الملك بوكوس الأول ملك موريطنية (أبو زوجتة) كان يقدم الدعم والمؤن والجيش ليوغرطة.
في نهاية المطاف تعرض يوغرطة للخيانة من قبل حليفة بوكوس الأول فتم استدراجة في جبل يشبة المائدة المعروف حاليا بجبل مائدة يوغرطة المتواجد أقصى غرب تونس فحاصر قلعته الملك بوكوس والقائد ماريوس وتم القبض عليه وانتهت مقاومة الملك يوغرطة التي استمرت 7 سنوات.
تم تقديم يوغرطة إلى مدينة روما حيث احتفل الرومان بإحتفال عظيم وتم رميه في السجن وقام حراس السجن بقَـطْـع أذنيه ومات يوغرطة في السجن جوعا سنة 104 قبل الميلاد وانتهت مقاومة يوغرطة الذي استمرت 7 سنوات.
الملك يوبا
بعد وفاة يوغرطة كافئت روما الملك بوكوس الأول، وأعطته ثلثي أراضي نوميديا وامتدت من المحيط الأطلسي غربا حتى مدينة صالداي (بجاية) شرقا، وأصبحت مملكة نوميديا مقسمة وخاضعة لروما، حتى مجيئ الملك يوبا الأول للحكم سنة 60 قبل الميلاد.
استغل الملك يوبا الحرب الأهلية في روما بين القائد يوليوس قيصر والقائد مومبيوس، ودعم يوبا مومبيوس ضد يوليوس قيصر، لأنه لم يكن له نفوذ توسيعيه على عكس يوليوس قيصر، وكان هدف يوبا هو التخلص من الهيمنة الرومانية على المملكة.
أرسل الإمبراطور يوليوس قيصر حملة عسكرية بقيادة "كوريو" للقضاء على يوبا الأول، ولكن يوبا واجهه وانتصر عليه في معركة أوتيكا سنة 50 قبل الميلاد. وبعد ذلك أنشأ يوبا الأول تحالفا ثلاثيا مكونا من ابن عمه ماسينيسا الثاني وأنصار بومبيوس.
في سنة 46 قبل الميلاد وقعت معركة تابسوس الحاسمة بين أنصار يوليوس قيصر والملك بوكوس الثاني ويوغود ضد انصر بومبيوس وماسينيسا الثاني ويوبا الأول، التي انتهت بهزيمة يوبا الأول وتعرضت جيوشه لهَلاك كبير.
تمكن يوبا الأول من الهرب أثناء المعركة، ووجد نفسه وحيدا مع جيشه المنهك من شدة المواجهة والقتال، وعند عودته لعاصمته مدينة سيرتا رفض سكان المدينه فتح البوابات لدخوله لاعتقادهم أنه أدخلهم في حرب أهلية رومانية ضرتهم أكثر مما نفعتهم، ففضل يوبا الانتحار من خلال مبارزة أفضل أصدقائه حتى الموت.
الحروب ضد الرومان
بعد وفاة الملك يوبا الأول، أخذ الإمبراطور يوليوس قيصر ابنه الصغير يوبا الثاني، وأنشأه نشأه رومانية ورباه في مدينة روما، وأصبحت مملكة نوميديا تابعه لموريطنية والتي بدورها تابعة للإمبراطورية الرومانية التي أسسها يوليوس قيصر، وظلت نوميديا تابعة لروما حتى مجيئ أرابيون سنة 44 قبل الميلاد.
الملك أرابيون هو ابن الملك ماسينيسا الثاني ابن عم يوبا الأول وتمكن من الهروب من نوميديا إلى إسبانيا أثناء معركة تابسوس مع انصار مومبيس، ومكث هناك لينتظر اللحظة من أجل استعادة مملكة أبية وكانت وسط نوميديا في هذه الفترة كانت مقسمة بين بوكوس الثاني والقائد الروماني ستيتيوس.
استغل الملك أرابيون الحرب الأهلية التي وقعت بين أنطونيوس وأكتافيوس بعد اغتِيال يوليوس قيصر سنة 44 قبل الميلاد، واستغل هذه الفرصة ونزل الى قلب نوميديا لإستعادة مملكة أبيه. ونجح في القضاء على القائد ستيتيوس وأجبر الملك بوكوس الثاني بالتراجع حتى استعاد مدينة سيرتا.
سقوط نوميديا
حكم ارابيون نوميديا مدة 4 سنوات فقط فلا يعرف عن هذا الملك الغامض الكثير فتم اغْـتيال ارابيون سنة 40 قبل الميلاد فبعد وفاته سيطر بوكوس الثاني على كامل نوميديا وحكم موريطنية التابعة لروما من المحيط الأطلسي غربا حتى الحدود التونسية شرقا وانتهت مملكة نوميديا على يد الرومان.
يعتبر الملك أرابيون هو آخر ملوك نوميديا الحقيقي الذين تصدوا للرومان طيلة 160 عام وبعد وفاته اتحدت موريطنية ونوميديا في مملكة واحدة وهي "المملكة الموريطنية" وكانت تابعة للرومان.
انقسمت مملكة نوميديا خلال القرن الثالث قبل الميلاد إلى مملكتين هما:
- مملكة نوميديا الغربية "المازيسيل"
- مملكة نوميديا الشرقية "الماسيل"
وفي عام 17 ميلادية ظهر أعظم قادة نوميديا وهو تاكفاريناس النوميدي الذي اشعل الثورات ضد الحكم الروماني استمرت 7 سنوات حقق خلالها خسائر فادحة للجيش الروماني والانتصار عليهم استعمل تاكفاريناس أسلوب حرب العصابات بسبب جيشة القليل جدا وبالرغم من ذلك إلا أنه حقق إنتصارات عديدة ضد الرومان ولكنة قتل في معركة سور الغزلان سنة 24 ميلادية وانتهت أشرس مقاومة في تاريخ نوميديا.